تنمية مهارات الوعي بالجسم للأطفال ذوي الإعاقة

الوعى بالجسم لذوى الإعاقة 

الوعي بالجسم يعنى مدى معرفة الفرد بجسمه، وبالتالي بذاته؛ فهـو صـورة يكونها الإنسان عن نفسه، وهذه الصورة تتكون بداء من معرفتنا بحدود جسمنا، وإمكاناته الحركية، وكذلك عن طريق المعلومات الحسية التي نقوم باستقبالها من خلال البيئة المحيطة أو من جسمنا.

وتسهم معرفة الفرد بجسمه في زيادة إدراكه بنفسه وذاته، ويزيد مـن وعيـه بالعالم المحيط، كما أنه يحسن ويطور أيضًا الوعي والإحساس بالآخرين المحيطين به، فتطور الوعي بالآخر يتبع تطور الوعي الفرد بذاته.

فالوعي بالجسم يطور ويحسن عمل الحواس ووظائفها، وعلى العكس من ذلك، قد تحدث مشكلات وعي الطفل ذي الإعاقة بجسمه، نتيجة لخلل الحواس ومشاكل التكامل الحسي.

فالوعي الجيد بالجسم يطور ويحسن من قدرات الطفل الحركية، ويساعده علـى اکتساب مفهوم الجانبية وخط المنتصف، مما يؤثر إيجابيا على اكتساب بعض المهارات الاجتماعية والمعرفية مثل مهارات القراءة والكتابة ورعاية الـذات والمهارات الحركية عمومًا.

الوعى بالجسم لذوى الإعاقة


مفهوم الوعي بالجسم Awareness of the Body

الوعي بالجسم هو تطور قدرة الطفل على التمييز بدقة بين أعضاء جسمه، واكتسابه لفهم أكبر لطبيعة جسمه ومدى قدرة هذا الجسم على الحركة فى الفراغ.

مفهوم الوعي بالجسم يشمل العناصر الآتية:

  • الإحساس والوعي بحدود الجسم في الفراغ.
  • الإمكانات الحركية للجسم مثل المرونة والسرعة والقوة.
  • الإمكانات التعبيرية للجسم مثل تعبيرات الوجه ولغة الجسم.
  • الإدراك الحسي.
  • التعرف على أسماء أجزاء الجسم.
  • معرفة وظيفة كل عضو.
  • القدرة على التمثيل العقلي للجسم.

المعلومات الحسية: فإن دقة الإحساس لدى الطفل تجعله يستطيع تمييز وفهم العالم الخارجي، ومن جسمه أيضًا، وهناك المعلومات الحسية التي يتلقاها أنواع من الأحاسيس كالتالي:

  • الإحساس الداخلي: أعضاء الجسم الداخلية، الدورة الدموية.
  • الإحساس الذاتي: وهي معلومات تخبرنا عن أوضاع الجسم، وتحركاتها فـي المفاصل والعضلات، والأذن الوسطى.
  • الإحساس الخارجي: الذي يجمع المعلومات من البيئة الخارجية، إما عن بعـد مثل الروائح، الأصوات، المناظر، أو عن قرب مثل المذاق، أو حاسة اللمس.

أهمية الحواس في تطوير مفهوم الوعي بالجسم

للحواس أهمية بالغة في تكوين مفهوم الوعي بالجسم، حيث يجمع مخ الإنسان المعلومات الحسية من مختلف الأعضاء الحسية، ويقوم بدمج هذه المعلومات الحسية ومعالجتها وترجمتها، ثم يستفيد منها فى تكوين صورة دقيقة عن الجسم.

كما إن هذه المعلومات التى يتلقاها المخ تساعد الفرد على التفاعل والتكيف بصورة أفضل مع البيئة، فالمثيرات الحسية القادمة من الأعضاء الحسية المختلفة، لابد أن يتم تنظيمها داخل دماغ الإنسان، لكى تعطى صورة واضحة عن شكل الجسم.

وهذه الصورة يتم تسجيلها داخل المخ، كما إن المخ وبشكل دقيق يعتمد على تلك الصورة والتي يطلق عليها الصورة الجسمية.

توجد صورة لجسم الفرد مسجلة داخل الدماغ، حيث يتم تخزينها فى الذاكرة، وتتكون هذه الصورة الجسمية من خريطة لكل جزء من أجزاء الجسم، وهذه الخريطة كالموجودة تماماً في أطلس.

ويرجع المخ دائمًا إلى هذه الخريطة الخاصة بشكل الجسم، عندما يقوم بتخطيط الحركات المختلفة، تمامًا كما يفعل البحارة عندما يبحرون.

فهم يستخدمون الخريطة فى توجيه رحلاتهم، وكلما كانت هذه الخريطة (أى خريطة الجسم) واضحة، كلما كان الأداء الحركى لأى حركة جديدة أسهل.

وكلما تحرك الشخص أو قاوم بأداء فعل ما بصورة أكثر دقة، فيقوم المخ بتسجيل هذه الحركات فى هذه الخريطة.

ومن خلال العرض السابق، يتضح لنا أهمية الحواس فـي تكـوين البـديات الأولى لمفهوم الوعي بالجسم، ففي هذه الفترة يستطيع الرضيع الإحساس بجسمه من خلال المعلومات الحسية التي يحصل عليها من حواسه المختلفة.

ولكن لازالت قدراته الحركية وقدرات التآزر الحركي بصري محدودة، فلا يتمكن من الوصـول وتداول الأشياء بدقة، الأمر الذي يتطور في المراحل اللاحقة، فهو يستمد معلوماته عن جسمه فقط من خلال حواسه.

ومن خلال التطور الحركي المحدود فـي هـذه الفترة، حيث يقوم الرضيع بحركات عشوائية غير إرادية للتعبيـر عـن رغباتـه ولذلك تم تسمية هذه المرحلة مرحلة ما قبل التصور الجسدي.

وجدير بالذكر لابـد من الإشارة إلى أهمية تعرض الطفل للمثيرات الحسية المختلفة، التي تساعد علـى تطور وعيه بجسمه وخاصة حاسة اللمس، التي لها أهميـة كبيـرة فـي إحـساس الرضيع بجسده، ولها أهمية قصوى أيضاً بالنمو الانفعالي للطفل.

فمـن الأفـضل احتضان الرضيع، والمسح على رأسه ويديه أو وجنتيه، وتقبيله، ومداعبـة أرنبـة أنفه و أذنيه، لأن ذلك ينعكس على النمو النفسي والاجتماعي للطفل، فينشأ الطفـل سعيدا مطمئنا، في مأمن من المشكلات النفسية.

إن تعرض الطفل الرضيع لمدى واسع من الخبرات الحسية والحركية في مرحلة الطفولة المبكرة، يؤدى إلى تكوين اللبنات الأولى لمفهوم الوعي بالجسم لديه.

أعراض اضطراب الوعي بالجسم

  1. عدم إحساس الطفل بمختلف أجزاء جسمه، مع غياب المفردات الخاصة بها. ويظهر ذلك من خلال رسم الرجل، الذي يبدو ناقصًا بالنسبة لعمره، مع غياب بعض الأجزاء فى الرسم.
  2. عدم قدرة الطفل على تحديد موقع أجزاء الجسم، ويظهر ذلك جلياً فى عدم وعيه بالأطراف
  3. صعوبة فى التقليد الحركى، أو قد يظهر فى شكل بطيء في التقليد الحركي.
  4. بطء حركات الطفل أو أنه يظهر حركات غير متناسقة، ويظهر ذلك فى طريقة إرتداء ملابسه، وفى عملية تزرير الملابس، كما أنه يأخذ وقتًا طويلاً فى إرتداء ملابسه، أو يرتكب العديد من الأخطاء أثناء إرتداء الملابس كأن يضع الذراع أو الساق الخاطئة فى القميص أو السروال وهذا راجع إلى عدم القدرة على التمييز.
  5. ضعف قدرة الطفل على التعبير الجسدى كلغة الجسد وتعبيرات الوجه.
  6. عدم القدرة على التنسيق الحركى الذى يظهر أثناء عملية القفز والحجل وتخطى الحواجز.
  7. اضطرابات فى المفاهيم الخاصة بالفراغ والزمن والإيقاع.
  8. اضطرابات في الإحساس بجانبية الجسم.
  9. اضطرابات في الإدراك الحركي.
  10. قد يواجه الطفل صعوبات فى تعلم القراءة واكتساب الخط والعمليات المنطقية والرياضية.
  11. كما يكون العالم المكون من الخبرات الإدراكية لديه غير ثابت، ويواجه صعوبات جمة عندما يواجه مفاهيم على المستوى الرمزي، الذي يلعب دورًا كبيرًا فى تطور ونمو لغة سليمة عند الطفل.
  12. قد يعانى من بعض المشكلات فى التكامل الحركى البصري  مثل مهارة ربط الحذاء أو القص واللصق وغيرها.
  13. يعانى من مشكلات فى الكتابة والقراءة وفى نقل الرسوم وما شابه ذلك، وتكون رسوم الطفل وطريقة كتابته غير مفهومة.
  14. مشكلات فى القدرة على القيام بالحركات الضرورية التى تستلزم عملية النطق وينظر إلى مثل هذه المشكلات فى النطق على أنها ذات طبيعة تعبيرية، وتتضح عندما يكون الطفل يعرف ما يريد أن يقوله، إلا أنه يفشل فى بدء الحركات الملائمة فى اللسان والأجهزة الصوتية اللازمة لإخراج النطق الصحيح.

تنمية مفهوم الوعي بالجسم لدى الطفل ذو الإعاقة  

يعانى العديد من الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية، وخاصة ذوى الإعاقة الذهنية من بعض أعراض اضطراب الوعى بالجسم، أيضًا يعانى العديد من الأطفال ذوي اضطراب التوحد/الذاتوية من بعض أعراض اضطراب الوعى بالجسم.

وفي الغالب يحتاج هؤلاء الأطفال لبرامج تنمية مهارات الوعي بالجسم لديهم؛ حيث إن المناهج العادية والتقليدية تكون غير مناسبة وملائمة لقدراتهم واحتياجاتهم.

وقد لا يحققون نجاحًا فى مناهج التعليم العام، وقد يرجع فشل الأفراد ذوو الإعاقة الذهنية وذوو التوحد/ الذاتوية فى إجتياز هذه المناهج والأنشطة غير مناسبة لقدراتهم ولا تقابل احتياجاتهم، والتي تم إعدادها وفقاً لمتوسط قدرات الطلاب العاديين.

لذا فهم بحاجة إلى برامج خاصة بهم، تتناسب مع الاحتياجات الفردية لكل أفراد هذه الفئة؛ لذلك تم إعداد برامج تقييم وإعداد البرامج النفس حركية والتى تحتوى على ثلاثة مجالات أساسية هي: الوعي بالجسم، والوعى بالفراغ، والوعى بالزمن.

تنمية مهارة الوعي بالجسم للأطفال ذوي الإعاقة يمكن أن يكون عملية مهمة ومفيدة لتعزيز تطورهم الشامل.

 وفيما يلى بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في ذلك:

التواصل الحسي

قم بتشجيع الطفل على استكشاف حواسه المختلفة من خلال تجارب حسية متنوعة. استخدم اللمس والرؤية والسمع والشم والتذوق لتنشيط حواسه وتعزيز وعيه بجسمه.

الحركة الجسدية

قم بتشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة الحركية التي تعزز وعيه بأجزاء جسمه. يمكن أن تشمل ذلك القفز والرقص والتسلق واللعب بالكرات والألعاب التي تتطلب استخدام الحركة الجسدية.

المساعدة في الاستقلالية

قم بتشجيع الطفل على القيام بمهام بسيطة بنفسه، مثل تنظيف الأسنان أو تناول الطعام، والتركيز على الشعور بكل جزء من جسمه أثناء قيامه بهذه المهام.

الألعاب والأنشطة التوعوية

استخدم الألعاب والأنشطة التوعوية لتعزيز وعي الطفل بجسمه. يمكنك استخدام العروض التوضيحية والصور والكتب التعليمية التي تركز على أجزاء الجسم ووظائفها.

التنفس والاسترخاء

قم بتعليم الطفل تقنيات التنفس العميق وتمارين الاسترخاء. هذه التقنيات تساعد الطفل على توجيه انتباهه لجسمه وتعزيز وعيه بالتواجد في اللحظة الحالية.

الحوار والتواصل

تحدث مع الطفل بشكل منتظم حول جسمه ووظائفه المختلفة. استخدم مصطلحات بسيطة ومفهومة واشرح له كيف يعمل كل جزء من جسمه.

الاحتضان واللمس الحنون

قدم الحضن واللمس الحنون للطفل، حيث تساعده هذه اللمسات الدافئة على تعزيز وعيه بجسمه وزيادة الراحة والثقة بالنفس.

أنشطة الوعى بالجسم

لقد اهتم مجال الوعي بالجسم بالمهارات التى يعانى منها الأطفال ممن لديهم مشكلات فى الوعى بالجسم، والتى تتناسب مع احتياجاتهم وقدراتهم ويحتوى مجال الوعى بالجسم على المجالات الفرعية الآتية:

  • الإحساس بالجسم وحدوده.
  • التعرف على أجزاء الجسم.
  • تسمية أعضاء الجسم.
  • مفهوم الجانبية.
  • التقليد الحركي، وغيرها من المجالات.

وقد تم تجزئتها إلى العديد من المهارات الصغيرة أو الأهداف التعليمية، حيث يتم تدريب الأطفال من خلال أنشطة حسية وحركية متنوعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة